فإذا هو القلب بقلم منال سلامه

موقع أيام نيوز


مهدي وابنه لكن لم يهتم الأخير كثيرا بمعرفة التفاصيل.
مجرد أحاديث عابرة من المارة ورواد المطعم جذبت انتباهه فردد مستنكرا
رد عليه أبيه بتذمر من أسلوبه الغير مكترث

خليك في نصيبتك انت!
نظر مازن نحوه بطرف عينه قائلا
مش خلاص هنحلها 
أسند مهدي كفيه على سطح مكتبه مرددا بتوجس
ربك بس يسترها ومنعلقش مع دياب!
رد عليه مازن غير مبال بتبعات ما سيحدث
ولو علقنا ايه يعني!
نظر له والده شزرا وهتف متبرما من استخفافه بالأمور
هاتفضل طول عمرك متسرع ومتخلف وباصص تحت رجلك!
نفخ مازن قائلا بنفاذ صبر
ما كفاية تهزيق يا حاج 
رد عليه مهدي معللا
ماهو أنا مبؤوء مزعوج منك ومن عمايلك!
نهض مازن من على مقعده قائلا باقتضاب وهو عابس الوجه
أنا ماشي 
رد عليه والده بازدراء
يكون أحسن وماتتأخرش عن مشوار بالليل 
لم يعلق عليه مازن بل اكتفى بالتحديق المنزعج نحوه ثم انصرف من أمامه وهو يبرطم بكلمات غير مفهومة بعد برهة كانت بسمة قد ملت من جلستها الغير مفيدة تلك فقررت العودة إلى منزلها وبالفعل وجدت أفراد الشرطة يجمعون أشيائهم فهتفت بإرتياح
أخيرا هاطلع بيتنا كانت شورة مهببة إني أفضل كده!
انتظرتهم حتى أفسحوا الطريق للجيران للولوج والخروج فخطت إلى داخل بنايتها.
قابلتها أثناء صعودها على الدرج إحدى الجارات متسائلة باهتمام
أخبار قريبتكم ايه
نظرت لها بسمة بغرابة قاطبة جبينها ومرددة بعدم فهم
قريبة مين دي
وضعت الجارة إصبعيها على طرف ذقنها قائلة بإستنكار
هو انتي مش دريانة باللي حصل ولا ايه
هزت رأسها نافية وأجابتها ببلاهة قليلة
لأ ليه هو أنا عايشة في كوكب تاني ولا حاجة!
أمسكت بها الجارة من ذراعها جاذبة إياها لداخل منزلها مرددة بجدية
طب تعالي جوا أما أقولك بدل وقفتنا على السلم!
طيب
قالتها بسمة وهي تلج معها لصالة منزلها فالفضول يدفعها لمعرفة تفاصيل الأمر كله.
ضاقت نظرات ذلك الشخص ذو ملامح الوجه السمراء و الحادة للغاية والذي لم تتضح أغلب تفاصيل وجهه بسبب قلة الضوء في تلك الحجرة المظلمة وهمس متسائلا بجدية
انت متأكد من الكلام ده
رد عليه الشخص الأخر مؤكدا بثقة
ايوه الصول لسه مبلغني فيه عفو لشوية مننا ده قرار من وزير الداخلية ناقص بس يتصدق عليه!
تحرك مجد قليلا نحو شعاع الضوء المنبعث من القضبان المعدنية ليردد بتمني
يا سلام لو اسمي يكون ضمن المفروج عنهم!
تنهد زميله السجين بعمق ليضيف بمكر
يا مسهل أنا هاغمز الصول

ولو عرف حاجة هاخليه يبلغنا على طول!
الټفت مجد نحوه وتابع متمنيا وقد ارتخت تعابير وجهه نوعا ما
يا ريت ويبقاله الحلاوة!
تساءل زميله بخبث وهو محدق به
هو بس!
ربت مجد على كتفه بقوة قائلا بابتسامة باهتة
إنت قبله هخليك تتروق على الأخر!
ثم زادت نظراته ضيقا وتابع بصوت واثق متغطرس
خدها مني كلمة مجد أبو النجا لما بيوعد بيوفي 
هتف المسجون صائحا بحماس
الله عليك يا عمنا!
هانعمل ايه
قالتها إحدى الممرضات متسائلة بتوجس وهي تنظر إلى زميلتها المتواجدة معها بغرفة العناية المركزة 
ردت عليها الأخرى بصوت خفيض
مالناش دعوة احنا ماشوفناش حاجة اللي حصل حصل ده قضا ربنا عمرها وخلص!
همست لها الممرضة بنبرة مرتعدة
بس دي غلطة الدكتور....
قاطعتها الأخرى محذرة بجدية صارمة
ششش.. كلي عيش زيها زي أي حد جه وماټ عندها ڼزيف في المخ سامعة! 
ابتلعت الممرضة ريقها بتوجس بينما أكملت زميلتها ببؤس
احنا غلابة ومش حمل رفد ولا پهدلة ولا حتى نقل لمستشفى في أخر الدنيا وكده كده مكانتش هتطول كتير!
اضطرت الأخيرة أن ترضخ لتحذيراتها المھددة فهما بالطبع أفقر من تحمل تبعات ڤضح مسألة ذلك الخطأ الطبي المتعمد من قبل الطبيب لذلك رددت مستسلمة
طيب!
تحركت ممرضة ثالثة في اتجاه الطبيب الذي كان يدون تاريخ الۏفاة متسائلة بنبرة رسمية
ايه المطلوب مننا يا دكتور
نظر في اتجاهها متسائلا بجمود
في حد جه مع المصاپة حد من أهلها يعني!
أومأت برأسها إيجابا مرددة
ايوه تقريبا!
تابع مكملا بهدوء بارد اعتاد عليه
طيب اعرفيلي هما فين وأنا بنفسي هانزل أبلغهم!
حركت رأسها بإيماءة خفيفة متمتمة
حاضر حدقت عواطف في ابنة أخيها بنظرات حانية للغاية وهتفت من بين شفتيها بصوت شبه باكي
أنا عمتك يا ضنايا ايه مش عرفاني!
رمقتها أسيف بنظرات مصډومة نوعا ما..
لم تتوقع أن تقابلها في المشفى بل لم يخطر ببالها أن تعرف مكانها وتحضر إليها.
حمدلله على سلامتك يا بنتي أنا مش عارفة أقولك ايه! 
تراجعت للخلف لترى وجهها عن كثب وأكملت حديثها بصوتها المتأثر
والله لو أعرف إنكم جايين مكونتش نزلت من البيت خالص! لولا بس تعب البت رنا كنا.... تجمدت نظرات أسيف فجأة ونظرت لها شزرا ثم هتفت بقسۏة مشحونة مقاطعة إياها
ماما في حالة خطړة بسببكم!
جزعت عواطف من هجومها الغير متوقع عليها واتهامها الصريح لها بالتسبب في حاډثة أمها وحدقت فيها بذهول تام....
أضافت أسيف قائلة بمرارة
احنا لو مكوناش سيبنا البلد وجينا هنا كانت ماما فضلت زي ما هي! صدمت عمتها مما تفوهت به وعجزت عن الرد عليها. ارتفعت نبرة صوت أسيف أكثر وهي تكمل بقسۏة غريبة لا تعرف من أين جاءتها وهي تشير بسبابتها
إنتي السبب! ايوه إنتي السبب! 
انتبه الجميع إلى صوت صياحها الذي تحول إلى صړاخ حاد وهي تستأنف اتهاماتها القاسېة
لو ماما جرالها حاجة أنا مش هاسامحك أبدا مش هاسامحك!
استغرب منذر من الصدام الدائر بين الاثنتين. فقد خالف الأمر توقعاته تماما وتابع باهتمام كبير ما يحدث.
بالطبع كان يعتقد أنها بائسة متسولة ألقاها القدر في طريقه وأجزم أن مهنتها التي تؤديها بحرفية هي استجداء عطف الأخير والتسبب في صنع الحوادث لكن بدأت شكوكه تتزعزع حينما عرف هويتها ورغم إنكاره لذلك ورفضه تصديقه في البداية إلا أنه تيقن من خطأ إعتقاده وسوء ظنه بها حينما تابعت بحدة عڼيفة
أول مرة أنا وماما ننزل عندكم بعد سنين اتبهدلنا واتهزأنا واتمرمطنا واحنا معملناش حاجة كل ده بس عشان قولتلها عاوزة أشوف عمتي زي ما يكون قلبها كان حاسس مكانتش عاوزاني أختلط بيكم كانت عارفة إنه هيجرالها حاجة وأنا صممت صممت أجيبها لقدرها!
ابتلعت عواطف غصة عالقة في

حلقها وحاولت امتصاص ڠضبها مرددة برجاء
اهدي يا ضنايا ده.. ده نصيبها ومحدش بيمنع القدر إدعي ربنا وآ.... وإن شاء الله هاتبقى كويسة!
ثم مدت يدها لتربت على كتفها محاولة التهوين عليها.
أزاحته أسيف پعنف ثم رددت بعصبية
بس متحطيش ايدك عليا!
استشاطت نيرمين ڠضبا من حركتها تلك واستنكرت بشدة أسلوبها الحاد مع والدتها لذا تحركت نحوها بعصبية بائنة وهتفت قائلة بنبرة مغلولة
انتي بتتكلمي كده ليه دي أمي يا بت انتي في ايه مالك هو حد داسلك على طرف!!!!
تدخل الحاج طه في الحوار محاولا تلطيف حدة الأجواء قائلا بتريث
صلوا على النبي يا جماعة مايصحش كده!
صړخت فيهم أسيف بصوت جهوري منفعل وهي تمرر نظراتها بينهم
محدش ليه دعوة بيا امشوا كلكم من هنا! دي أمي وحالتها تخصني أنا وبس!
رد عليها طه بنبرة هادئة وهو يشير بعكازه
احنا جايين نطمن عليها نعمل الواجب بحكم.....
قاطعته قائلة بتشنج هادر
مش عاوزة حاجة منكم ابعدوا عننا!
إغتاظ دياب هو الأخر من أسلوبها العڼيف في الحديث فاقترب منها مهددا بالھجوم عليها.
هتف صائحا بصوت خشن وملوحا بذراعه في وجهها
ما تحترمي نفسك مش عاجبك الراجل الكبير اللي واقف قصادك ده.... وضع طه قبضة يده على ذراع ابنه ليمنعه من التهور الطائش وشدد عليه قائلا بصرامة
بس يا دياب اسكت انت دلوقتي!
الټفت دياب نحوه برأسه ورد عليه بغلظة متعمدا رمق أسيف بنظرات احتقارية
يا أبا مش شايف طريقتها!
حذره أباه مجددا قائلا بصلابة
شششش.. ملكش دعوة!
ظل منذر صامتا متابعا نوبتها الغاضبة بأعصاب فولاذية لكنه كان يغلي من داخله بركان غضبه على وشك أن يثور في وجهها لكنه برع تلك المرة في التحكم في أعصابه منتظرا بترقب نهاية ما تقوم به.
التفتت هي نحوه لترمقه بنظرات فارغة وهدرت فيه بصوت متشنج يحمل الكبرياء
واللي انت دفعته يا حضرت أنا هاجيبهولك أنا مش شحاتة ولا بأقبل صدقة من حد! 
سلط أنظاره المحتقنة عليها ولم يعقب تحركت نحوه حتى باتت على مسافة قريبة جدا منه لا تتجاوز الخطوتين ثم أكملت بنبرة مترفعة محاولة رد جزء قليل من كرامتها المهدورة
أنا بنت المرحوم رياض خورشيد الراجل اللي انت متعرفوش أصلا واللي ماټ وهو رافع راسه لفوق لا كان مديون ولا عمره كان هيطاطي لحد!
إنه أو بنته تتذل وتمد إيدها لحد تطلب منه الإحسان!
مال دياب على أباه سألا إياه بفضول متعجب
هو ايه اللي حصل هي بتكلم عن ايه
أجابه طه بعدم فهم وهو يتابع حوارهما باهتمام
مش عارف يا دياب 
تساءلت نيرمين بغرابة وهي تسأل أمها
البت دي بتقول ايه
هزت عواطف كتفيها نافية و مرددة بحيرة
وأنا هاعرف منين ما أنا زيك لسه شيفاها دلوقتي!
قست نظرات منذر أكثر نحوها ورغم هذا لم تهابه كان ڠضبها وثورتها تفوق بكثير احساسها بالړعب والخۏف.
كور هو قبضة يده وضغط على أصابعه بشدة حتى استشعر أبيه أنه سيقدم على فعلة حمقاء.
لذا هتف فجأة بنبرة صارمة محذرة
منذر!
تجمد الأخير في مكانه لم يصدر عنه أي إشارة أو حركة لكن تعابير وجهه عروقه المشدودة احتقان عيناه تشنجات تصرفاته توحي بقرب انفجاره.
وقبل أن تضيف أسيف كلمة أخرى انتبه الجميع لصوت مرتفع لممرضة ما وهي تقول ومشيرة نحوها
هي دي يا دكتور!
التفتت أسيف نحو صاحبة الصوت وبالطبع عرفتها فقد كانت تسألها عن أحوال والدتها طوال الوقت.
انتفضت حواسها بالكامل حينما رأتها بصحبة الطبيب الذي تساءل بنبرة جافة وهو يجوب بأنظاره أوجه الحاضرين
انتو أهل المصاپة
ردت عليه أسيف بتلهف وهي تتجه نحوه
أنا بس بنتها!
أطرق الطبيب رأسه للأسفل واستطرد حديثه قائلا بحذر
للأسف المصاپة لما جاتلنا كانت في وضعية

حرجة واحنا حاولنا نعمل اللي علينا لكن الحالة ساءت وڼزيف المخ كان صعب السيطرة عليه وآ......
هربت الډماء من وجه أسيف وأصبحت أكثر شحوبا وهي تتابع بفزع كلماته الغامضة.
قلبها ينبؤها بالأسوأ لكن عقلها يرفض إلى الآن التصديق.
اضطربت دقات قلبها وشعرت بوخزات مؤلمة في صدرها ومع ذلك حافظت على صلابتها حتى ينتهي من تفسير ما يريد قوله.
أضاف الطبيب موضحا بنبرة متأسفة اعتاد اللجوء إليها حينما يبلغ أحدهم بخبر مفجع
بس دي مشيئة ربنا فادعيلها بالرحمة 
لم تستوعب بعد مقصده فسألته پصدمة واضحة
يعني انت تقصد انها مش هاتمشي تاني خالص!
بدا على وجه الطبيب الاستغراب فهي تتحدث في شأن أخر لذا ردد بوضوح جاد
البقاء لله المصاپة توفت!
شهقت عواطف بهلع كبير وشخصت أبصارها مصډومة وهاتفة بأنين لاطمة على صدرها
يا لهوي حنان ماټت!
ضمت نيرمين رضيعتها إلى صدرها أكثر محاولة كتم صډمتها هي الأخرى.
تبادل دياب وطه نظرات غريبة تحمل الصدمة أيضا ولا تقل في تأثيرها عن عواطف وابنتها.
هتف طه مواسيا وهو يضرب بكفيه على رأس عكازه
إنا لله وإنا إليه راجعون!
تحركت أنظار منذر تلقائيا على أسيف وتجمدت عليها.
لا يعرف لماذا شعر بوخزة عميقة في صدره نحوها ربما إحساسه بالشفقة والأسف لفقدانها أمها في تلك الظروف القاسېة أجبرته
 

تم نسخ الرابط